اقتصاد

“ليدك” دخلت المغرب دون مناقصة تنافسية وها هي اليوم تباع للمغرب!!!

معلوم أنه في سنة 1912، أي إبان الحماية الفرنسية للمغرب، تم توفير إمدادات المياه بكل من الدار البيضاء، الرباط، مكناس وطنجة، إلى شركة فرنسية تدعى س. م. د، تابعة لليونيز ديزو، حيث انتهت عقود هذه الشركة الفرنسية، خلال سنة 1956، وأصبحت بالتالي الجماعات الحضرية، هي المسؤولة عن المرافق العامة من إمدادات المياه وتوزيع الكهرباء في المدن المركزية داخل المملكة.

وخلال بداية التسعينيات، وبدعوى سوء تدبير المرافق العامة للشأن المحلي بالدار البيضاء الكبرى، حيث وجدت الحكومة آنذاك التخريجة المذكورة، من أجل فتح المجال لشركة خاصة لإدارة شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء بكل من مدينتي الدار البيضاء والمحمدية، تفاوضت نفس الشركة التي سبق وأن تم  إجلاؤها خلال سنة 1956 ونعني بها ليونيز ديزو في شخص رئيسها التنفيذي، المقرب للمرحوم جاك شيراك،  حيث عاد “الاحتلال” مرة أخرى، لكن من خلال الصرف الصحي، وتم التوقيع على عقد التدبير المفوض بين ليدك ووزارة الداخلية، على عهد الوزير إدريس البصري آنذاك، وذلك بتاريخ 28 أبريل 1997، حيث استفادت الشركة المذكورة من منحها الامتياز لمدة 30 سنة، دون مناقصة تنافسية، وذلك بتدخل صديقنا جاك شيراك!!

وهو الأمر الذي أثار حينه حفيظة أعضاء مجلس المجموعة الحضرية للدار البيضاء الذين تم التطاول على اختصاصهم، حيث نددت معهم الصحف الوطنية والكنفدرالية العامة للمؤسسات المغربية والنقابيين وما شئتم من الجمعيات المهنية، حيث عبروا وقتها عن سخطهم واستنكارهم ولم ينفع ذلك في تغيير الموافقة التي أعطيت في الهاتف. وهكذا، تنطبق على هذه المؤسسة الفرنسية وتعاملها معنا حكاية، “من الخيمة اخرج مايل”…

التجربة المذكورة انطلقت من الدار البيضاء، حيث انتقلت العدوى إلى الرباط وسلا، ثم بعد ذلك إلى طنجة وتطوان…

نقول هذا، ونعود إلى ملف مؤسسة “ليدك” وعلاقتها بزبنائها بكل من الدار البيضاء والمحمدية، لنكتشف أنه شتان ما بين الواجبات التي كنا نؤديها إلى الشركة الوطنية “لاراد” والشركة الأجنبية “ليدك” التي لا شك أنها تحول –بضم التاء- مليارات دراهم المغاربة إلى العملة الصعبة، ثم بالتالي إلى فرنسا.

نعود اليوم، لنذكر أن – جون أفريك-، أكدت أن المغرب قد تمكن بعد جدال طويل من إسدال الستار على ما بات يعرف بقضية “فيوليا”، وذلك من خلال التوصل إلى اتفاق يقضي ببيع فرع المجموعة الفرنسية في المملكة، “ليدك”، إلى الدولة المغربية، حسب ما أكده مصدر لجريدة “جون أفريك” الفرنسية.

صفقة تأتي بمثابة حل لمشكلة واجهت “فيوليا” منذ عام 2022، حين فشلت في التخلي عن “ليدك” لصالح “سويز الجديدة” في سياق عملية اندماج بين المجموعتين..

ووفقا لنفس المصدر، فإن المغرب أصبح هو المشتري لهذا الفرع السابق لـ “Suez” وهكذا، لم يتم تحديد الكيان العام المغربي الذي سيتولى أصول الفرع فعليًا حتى الآن.

“وفقًا لمعلوماتنا، فإن مجلس المنافسة “يمنح الأطراف الفاعلة الوقت لتحديد شروط الصفقة بدقة”. من أجل السماح لـ “فيوليا” بتحقيق عمليتها، كما تم تحديد موعد نهائي جديد في نهاية يونيو، مع إمكانية تمديده نظرًا لتعقيد القضية”، يضيف نفس المصدر.

وعند مطلع عام 2022، تمّ إتمام عملية الاستحواذ على شركة سويز من لدن شركة فيوليا من خلال عرضٍ عامٍّ للشراء “OPA”، وبحسب شروط هذه الصفقة، كان يتعين على شركة فيوليا، عملاق إدارة المياه والنفايات الفرنسي، التخلي عن فرعها المغربي “ليدك” لصالح “سويز الجديدة” قبل 31 ديسمبر 2022، لكن لم تتم عملية بيع “ليدك” أبدًا، وذلك لعدم حصولها على الموافقة من وزارة الداخلية المغربية، التي تُعدّ السلطة الوصية على هذا الملف.

وتمتلك “سويز الجديدة” مجموعة من المستثمرين، من بينهم صندوق Meridiam والأمريكي Global Infrastructure Partners وصندوق ودائع الأمانات، بما في ذلك فرعها CNP Assurances.

وفشلت شركة فيوليا في التخلي عن فرعها السابق “ليدك” الذي كان تابعًا لشركة “Suez”، مما أدى إلى تلقيها إنذارًا حازمًا في أكتوبر 2023، فقد ذكّر مجلس المنافسة الشركة الفرنسية بالتزامها وأمرها، في غضون شهر، “إما بالامتثال لقراره بترخيص عملية التركيز الاقتصادي […] أو بالعودة إلى الوضع السابق للتركيز”. بعبارة أخرى، إذا فشلت فيوليا في بيع “ليدك”، فسيتم إلغاء عملية الاندماج بأكملها مع شركة “Suez” في المغرب.

وبمبرر عدم إتمام عملية بيع “ليدك” في نوفمبر، منحت الهيئة التي يرأسها أحمد رحو “فيوليا” مهلة ثانية لتقديم عرض بيع جديد، حيث تم تمديد المهلة مرة ثالثة، لكن دون جدوى. ونتيجة لذلك، تم تغريم شركة فيوليا 100 مليون درهم مغربي، أي ما يعادل أكثر من 9 ملايين يورو، في تسوية ودية، واستنادا لنفس المصدر، فقد وافقت المجموعة على دفع هذه الغرامة.

ويجمع خبراء من المغرب وفرنسا على أن شركة “ليدك”، تتحمل جزءًا من المسؤولية في تأخير عملية البيع، وذلك، حسب عقد يربطها بسلطات المملكة منذ عام 1997، تخضع “ليدك” لمراجعة كل خمس سنوات، لتحديد برنامج الاستثمارات التي سيتم تنفيذها في الدار البيضاء الكبرى. ومع ذلك، تعود آخر مراجعة إلى عام 2009، ولم يتم إجراء أي مراجعة أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى